في حوار صحفي مطول ولد الرشيد يتحدث عن قوة الدبلوماسية الملكية والحكم الذاتي والتنمية بالصحراء والبطالة بالمنطقة

جديد الصحراء : 

يعتبر السيد مولاي حمدي ولد الرشيد رئيس مجلس جماعة العيون، أن الدينامية التنموية التي تشهدها المدينة جعلتها نموذجا حضريا متطورا يعكس جهود الدولة في تأهيل الأقاليم الجنوبية، مؤكدا أن “الاستثمارات التي تم ضخها في البنية التحتية والإسكان والخدمات الأساسية ساهمت في تحسين جودة الحياة وجذب المستثمرين”.

واستعرض ولد الرشيد، خلال الحوار الذي أجراه مع جريدة L’Opinion، أبرز المشاريع الاقتصادية والاجتماعية التي تم تنفيذها، مشيرا إلى أن المجلس الجماعي يعمل على تقليص معدلات البطالة من خلال إنشاء أسواق حديثة ومناطق تجارية توفر فرص عمل للشباب، لافتا إلى أن “نجاح هذه الجهود يرتبط بانخراط السكان في دعم التنمية المحلية”.

وسجل عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال أن العيون أصبحت اليوم وجهة استثمارية واعدة، بفضل المبادرات التي أطلقتها الدولة لتعزيز التنمية الاقتصادية، موردا أن “الاعتراف الدولي المتزايد بمغربية الصحراء بفضل الدبلوماسية الملكية يعزز الاستقرار في المنطقة ويفتح آفاقًا جديدة للتعاون الاقتصادي”.

وبخصوص قضية الصحراء، شدد ولد الرشيد على أن مبادرة الحكم الذاتي، التي اقترحها المغرب سنة 2006، تظل الحل الأكثر واقعية لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل، مضيفا أن “سكان الأقاليم الجنوبية يعيشون اليوم في ظل تنمية مستدامة تعكس التوجهات الملكية السامية”، ومذكرا بأن “الموقف الدولي الداعم لمغربية الصحراء يعزز هذا التوجه ويؤكد شرعيته”.

نص الحوار : 

على مدى السنوات العشر الماضية، شهدت الأقاليم الجنوبية تطورًا غير مسبوق، ومع ذلك، منذ عام 2024، تسارعت وتيرة هذا التطور، مما وفر ظروفا مثالية لجذب عدد متزايد من المستثمرين إلى المنطقة، مولاي حمدي ولد الرشيد، رئيس المجلس الجماعي للعيون وعضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال، يقدم لنا تقييمًا للمشاريع التي تم تنفيذها في عاصمة الصحراء المغربية.

– الإنجازات الكبيرة التي شهدتها العيون ساهمت في تحويلها إلى مدينة جميلة وعصرية، ما هو تقييمك للاستثمارات التي تمت في المدينة؟

– يعتبر النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية أحد أهم الأوراش المهيكلة التي أعطى انطلاقتها الملك محمد السادس نصره الله سنة 2015 بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، والذي شكل خارطة طريق واضحة لتنمية مستدامة بالأقاليم الجنوبية، وقد كانت حصة مدينة العيون في هذا النموذج جد هامة مما مكّن من إبرام عدة اتفاقيات أخرى، بإجمالي مليار درهم، مع مجلس الجهة وشركاء مختلفين، بما في ذلك عدة وزارات، وبفضل هذه التمويلات، تمكنا من تنفيذ العديد من المشاريع، بما في ذلك البنية التحتية، وأعمال الصرف الصحي بقيمة 150 مليون درهم، بالإضافة إلى الحدائق والساحات العامة، كما جرى توقيع اتفاقيات مع شركة العمران، ومجلس الجهة، ووكالة الجنوب، ومن بين هذه الإنجازات البارزة، ساحة أم السعد، بميزانية 240 مليون درهم، ساهمت جماعة العيون بمئة مليون منها بالشراكة مع وكالة الجنوب، حيث يشمل هذا المشروع أيضًا بناء قصر مؤتمرات مستقبلا، تم تكليف شركة إسبانية به في البداية، وواجهنا مشاكل قانونية معها، لكن القضاء أعطانا الحق، ويتكون هذا الورش الكبير من قاعات تستوعب حتى 17,000 شخص، ومكتبة بقيمة 75 مليون درهم، بالإضافة إلى محلات تجارية ومقاهي.

– ما هي مساحة العيون اليوم، وكم ملعبًا للقرب تم بناؤه بها ؟

– 

  – تمتد العيون على مساحة 1,000 كيلومتر مربع ويبلغ عدد سكانها 262,000 نسمة، حسب إحصاءات 2024، وقد قمنا ببناء 80 ملعبًا قريبًا موزعة على مختلف أحياء المدينة، بتكلفة إجمالية قدرها 50 مليون درهم، هذه المنشآت الرياضية النوعية تروم تلبية الاحتياجات المتزايدة للسكان على مستوى القطاع الرياضي .

ولتلبية الاحتياجات التجارية، قمنا أيضًا ببناء عدة أسواق، أكبر سوق هو السوق النموذجي الكبير بالحزام، الذي يغطي ثمانية هكتارات. ومن بين الأسواق الأخرى، هناك سوق 25 مارس النموذجي، قمنا أيضًا بتطوير سوق مخصص للبضائع العامة، بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء سوق في حي الوفاق، وهناك أربعة أسواق أخرى مخطط لها.

– تعاني منطقة العيون – الساقية الحمراء من معدل بطالة مرتفع. كيف تساهم هذه الإنجازات في خلق فرص العمل؟

  – هدفنا الرئيسي كمجلس جماعي هو مكافحة البطالة، خاصة بين الشباب، قمنا بوضع عدة مبادرات لتشجيع خلق فرص العمل، مثل منح الأفضلية للمقاولات الصغرى المحلية في مجال الحراسة والخدمات، وبناء وتأجير الأكشاك، بالإضافة إلى توزيع تراخيص لغسيل السيارات، لسوء الحظ، هذه الإنجازات لم تحقق النتائج المرجوة، في الواقع، العديد من الأشخاص يفضلون بيع الأكشاك والتراخيص التي يحصلون عليها بدلاً من العمل، أولويتنا تبقى مكافحة البطالة، لكن من الصعب النجاح دون وجود مقاربة تشاركية بين مختلف المتدخلين على المستوى المركزي والجهوي .

– تتحدث الأنباء عن افتتاح قنصلية فرنسية في العيون قريبا، ما هو التأثير الذي يمكن أن يحدثه هذا الافتتاح على العلاقات التجارية بين العيون وفرنسا؟

  – الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالإضافة إلى زيارات وزيرة الثقافة ورئيس مجلس الشيوخ الفرنسيين، أظهرت بوضوح رغبة باريس في الحفاظ على علاقات جيدة مع المملكة المغربية، وبالتالي مع الصحراء المغربية، لذلك، فإن افتتاح قنصلية في العيون لن يكون إلا خطوة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي بين المغرب وفرنسا، وتشجيع الاستثمارات الأجنبية في المنطقة، 

س: ماذا عن موقف الدول الكبرى من قضية الصحراء؟

فيما يتعلق بموقف الدول الكبرى من قضية الصحراء المغربية، فإن اعتراف دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية، إسبانيا، وفرنسا بمغربية الصحراء وبوجاهة مقترح الحكم الذاتي المغربي، يعد دليلا على فشل الأطروحات الأخرى التي يروج لها أعداء الوحدة الترابية للمملكة، ويعكس هذا الدعم المستمر للمغرب على المستوى الدولي قوة الدبلوماسية الملكية وقدرتها على التفاعل بحكمة مع مختلف المستجدات السياسية على الساحة الدولية، فالمغرب يعتمد على هذه الدبلوماسية القوية في مواجهة التحديات، ويسعى دائما لتعزيز حقوقه المشروعة في الصحراء.

س: هناك من يقول إن الحكم الذاتي لن يكون فعالًا إلا إذا وافق عليه سكان الأقاليم الجنوبية، ما رأيكم في ذلك؟

بالنسبة لمقترح الحكم الذاتي، الذي طرحه جلالة الملك محمد السادس نصره الله في عام 2006، فإن المغرب يعتبره الحل الأمثل لضمان تنمية شاملة واستقرار طويل الأمد في الأقاليم الجنوبية، إذ يضمن هذا المقترح حقوق سكان المنطقة ويعزز من كرامتهم، ما يعكس التزام المملكة بمستقبل الأقاليم الجنوبية كجزء لا يتجزأ من التراب المغربي، وبخصوص موافقة سكان الأقاليم الجنوبية على هذا الحكم الذاتي، فإن الحقيقة أن هذه الساكنة تعيش اليوم في كنف الأمن والازدهار والتنمية داخل وطنهم ويتمتعون بكافة الحقوق، مما يجعل أي محاولات للمزايدة على هذه المسألة غير مقبولة، الصحراء مغربية، وهذه هي الحقيقة لا تنازل عنها، وساكنة الصحراء تدعم كل الحلول والمبادرات التي يطرحها جلالة الملك، لأنها تضمن مستقبلا مشرقا للأقاليم الجنوبية.